الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
قَالَ عَلِيٌّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ الآمِرُ وَحْدَهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ الْمَأْمُورُ وَحْدَهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلاَنِ جَمِيعًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ يُقْتَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا : فَالْقَوْلُ الأَوَّلُ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلاَسٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : إذَا أَمَرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ , فَهُوَ كَسَيْفِهِ وَسَوْطِهِ. أَمَّا السَّيِّدُ فَيُقْتَلُ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُسْتَوْدَعُ فِي السِّجْنِ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : رَجُلٌ أَمَرَ عَبْدَهُ فَقَتَلَ رَجُلاً فَقَالَ : عَلَى الآمِرِ , سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : يُقْتَلُ الْحُرُّ الآمِرُ , وَلاَ يُقْتَلُ الْعَبْدُ , قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلاً بَعَثَ بِهَدِيَّةٍ مَعَ عَبْدِهِ إلَى رَجُلٍ , مَنْ أَهْدَاهَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : فَقُلْت : فَأَجِيرُهُ قَالَ : ذَلِكَ مِثْلُ عَبْدِهِ قُلْت : فَأَمَرَ رَجُلاً حُرًّا أَوْ عَبْدًا لاَ يَمْلِكُهُ , وَلَيْسَا بِأَجِيرَيْنِ , قَالَ : عَلَى الْمَأْمُورِ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُمَا إذَا أَمَرَ حُرًّا فَقَتَلَ رَجُلاً , فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَلَيْسَ عَلَى الآمِرِ شَيْءٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ : سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ , وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْمُرُ الرَّجُلَ فَيَقْتُلُ فَقَالاَ جَمِيعًا : يُقْتَلُ الْقَاتِلُ , وَلَيْسَ عَلَى الآمِرِ قَوَدٌ. وَبِهِ إلَى وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ فِي الَّذِي يَأْمُرُ عَبْدَهُ فَيَقْتُلُ رَجُلاً قَالَ : يُقْتَلُ الْعَبْدُ وَلِلشَّعْبِيِّ كَلاَمٌ آخَرُ زَائِدٌ وَيُعَاقَبُ السَّيِّدُ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ : أَنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ جَمِيعًا. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ رُوِّينَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ : لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ عَبْدًا لَهُ فَقَتَلَ رَجُلاً لَمْ يُقْتَلْ الآمِرُ , وَلَكِنْ يَدِيهِ , وَيُعَاقَبُ , وَيُحْبَسُ فَإِنْ أَمَرَ حُرًّا فَإِنَّ الْحُرَّ إنْ شَاءَ أَطَاعَهُ , وَإِنْ شَاءَ لاَ , فَلاَ يُقْتَلُ الآمِرُ. وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَإِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قَالَ : يُقْتَلُ الْعَبْدُ , وَيُعَاقَبُ السَّيِّدُ الآمِرُ وَلَوْ أَمَرَ رَجُلٌ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ الصَّبِيُّ , فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ , وَيُرْجَعُ بِهَا عَلَى الَّذِي أَمَرَهُ ، وَلاَ يُقْتَلُ الآمِرُ. وقال أحمد بْنُ حَنْبَلٍ : إنْ أَمَرَ عَبْدَهُ بِقَتْلِ إنْسَانٍ قُتِلَ الآمِرُ , وَيُؤَدَّبُ الْعَبْدُ فَإِنْ أَمَرَ حُرًّا فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْمَأْمُورُ وَحْدَهُ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وقال أبو حنيفة , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي عَبْدٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَمَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ , فَسَيِّدُ الْقَاتِلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ عَبْدَهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ , وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ , فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ الآمِرُ رَجَعَ سَيِّدُ الْمَأْمُورِ عَلَيْهِ , فَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ الَّذِي أَسْلَمَ , أَوْ الَّذِي فَدَاهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : إذَا أَمَرَ عَبْدٌ عَبْدًا بِإِتْلاَفِ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ , فَإِنَّهُ إذَا أُعْتِقَ الآمِرُ لَزِمَهُ الْمَالُ الْمُتْلَفُ بِأَمْرِهِ , وَلَمْ يَلْزَمْهُ الدَّمُ الْمُتْلَفُ بِأَمْرِهِ , كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ , أَوْ دَيْنٍ فِي رَقَبَةٍ ثُمَّ أُعْتِقَ فَإِنَّ الدَّيْنَ يَلْزَمُهُ ، وَلاَ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَةُ. وَقَالَ زُفَرُ , وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ , فِي عَبْدٍ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ , فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ , ثُمَّ تَرْجِعُ بِهَا عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ , فَيُقَالُ لَهُ : ادْفَعْ الْعَبْدَ إلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ. وقال الشافعي : إنْ أَمَرَ حُرٌّ عَبْدَ غَيْرِهِ بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ , أَوْ أَمَرَ بِذَلِكَ صَبِيًّا أَجْنَبِيًّا فَقَتَلَ , فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ يُمَيِّزَانِ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ , وَأَنَّ طَاعَتَهُ لَيْسَتْ عَلَيْهِمَا : عُوقِبَ الآمِرُ ، وَلاَ قَوَدَ عَلَيْهِ , وَلاَ دِيَةَ , وَالْقَاتِلُ هَاهُنَا هُوَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ , قَالَ : فَإِنْ كَانَا لاَ يُمَيِّزَانِ ذَلِكَ فَعَلَى الآمِرِ الْقَوَدُ. قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ : فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابِهِ فَوَجَدْنَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ , بَلْ هِيَ أَقْوَالٌ مُتَخَاذِلَةٌ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ سُفْيَانَ فَوَجَدْنَاهُ أَيْضًا خَطَأً , لأََنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ السَّيِّدِ يَأْمُرُ عَبْدَهُ بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَيُنَفِّذُ أَمْرَهُ , فَجَعَلَ الْعَبْدَ هُوَ الْقَاتِلَ , وَلَمْ يَرَ السَّيِّدَ الآمِرَ قَاتَلاَ. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , فَدَاخِلَةٌ فِي أَقْوَالِ مَنْ ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ , فَتَرَكْنَا أَنْ نَخُصَّهَا بِالذَّكَرِ اكْتِفَاءً بِكَلاَمِنَا فِي تِلْكَ الأَقْوَالِ الأَرْبَعَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى " لاَ يُقْتَلُ الآمِرُ ، وَلاَ الْمَأْمُورُ " فَخَطَأٌ , لأََنَّ هَاهُنَا قَتْلٌ عَمْدٌ , وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْقَوَدَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْحَكَمِ , وَحَمَّادٍ , وَالشَّعْبِيِّ , وَإِبْرَاهِيمَ , وَأَبِي سُلَيْمَانَ , فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِأَنَّ الْقَاتِلَ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِلْقَتْلِ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ , فَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْقَوَدُ خَاصَّةً. وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما فَإِنَّهُمَا جَعَلاَ الآمِرَ هُوَ الْقَاتِلَ , فَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْقَوَدُ , وَجَعَلُوا الْمَأْمُورَ آلَةً لَهُ مُصَرَّفَةً هَذِهِ حُجَّتُهُمْ قال أبو محمد : وَقَدَّمُوهُ أَصْحَابُ الْقِيَاسِ هَاهُنَا بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ عَلِيٍّ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ قِيَاسٌ يَعْنِي قَوْلَ عَلِيٍّ : إنَّ الْمَأْمُورَ هُوَ كَسَيْفِ الآمِرِ وَسَوْطِهِ. وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَرَأَيْت لَوْ أَرْسَلَ مَعَهُ هَدِيَّةً , مَنْ الْمُهْدِي لَهَا ". وَهَذَا لاَ مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِهِ , وَلاَ هُوَ مِنْ الْقِيَاسِ , لاَ فِي وِرْدٍ ، وَلاَ فِي صَدْرٍ , لأََنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ جَمِيعِ الْقَائِلِينَ بِهِ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لِمَسْكُوتٍ عَنْهُ بِحُكْمٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ , أَوْ بِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِحُكْمٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ , وَأَنْ يَرُدَّ الْفَرْعَ إلَى الأَصْلِ بِنَوْعٍ مِنْ الشَّبَهِ , وَلَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَصْلاً فَبَطَلَ بِإِقْرَارِهِمْ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا , إذْ بِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ الْمَأْمُورَ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ السَّيْفِ , وَالسَّوْطِ , لأََنَّ عَلِيًّا رَأَى عَلَى الْمَأْمُورِ السَّجْنَ , وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ سَجْنَ عَلَى السَّيْفِ , وَلاَ السَّوْطِ. فَصَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلِيٌّ قَطُّ لِلْمَأْمُورِ بِالْحُكْمِ فِي السَّيْفِ , وَالسَّوْطِ , فَبَطَلَ الْإِيهَامُ جُمْلَةً. وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَرَأَيْت لَوْ أَهْدَى مَعَهُ هَدِيَّةً , مَنْ الَّذِي أَهْدَاهَا " فَكَذَلِكَ أَيْضًا , وَمَا حُكْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَطُّ لِلْقَاتِلِ الْمَأْمُورِ بِمِثْلِ الْحُكْمِ فِي حَامِلِ الْهَدِيَّةِ , بَلْ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ بِلاَ خِلاَفٍ , لأََنَّ حَامِلَ الْهَدِيَّةِ , وَمُهْدِيَهَا : يُشْكَرَانِ , وَالآمِرُ , وَالْقَاتِلُ : يُقْتَلُ , وَيُلاَمَانِ وَهَذَا لَوْ كَانَ قِيَاسًا لَكَانَ قِيَاسًا لِلشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ , وَلَوْ كَانَ قِيَاسًا لاَ يُوجِبُ اتِّفَاقًا فِي الْحُكْمِ وَهَذَا هُوَ تَرْكُ الْقِيَاسِ حَقًّا , وَإِنَّمَا هُوَ تَشْبِيهٌ فَقَطْ قال أبو محمد : ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كُنَّا فِيهَا فَنَقُولُ : إنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا , إذْ يَقُولُ تَعَالَى وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّهُ أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي زَنَيْت فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : هَلْ أَحْصَنْتَ قَالَ : نَعَمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ أَرَادَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَسْرُوقًا , فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ : أَتَسْتَعْمِلُ رَجُلاً مِنْ بَقَايَا قَتَلَةِ عُثْمَانَ فَقَالَ مَسْرُوقٌ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ بِقَتْلِ أَبِيك قَالَ : مَنْ لِلصِّبْيَةِ قَالَ : النَّارُ , قَالَ مَسْرُوقٌ : فَرَضِيتُ لَكَ مَا جَعَلَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا. قَالَ عَلِيٌّ : فَفِي هَذِهِ الأَخْبَارِ : أَنَّ الآمِرَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ فَاعِلاً فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ عَلَى حَسَبِ مَا جَاءَتْ بِهِ اللُّغَةُ فَسَمَّى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ وَهُمْ الْحُجَّةُ فِي اللُّغَةِ مَنْ أَمَرَ بِرَجْمِ آخَرَ فَرَجَمَ رَاجِمًا لِلْمَرْجُومِ. وَسَمَّى أَيْضًا نَفْسَهُ رَاجِمًا وَسَمَّى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِمًا وَهُوَ لَمْ يَحْضُرْ رَجْمًا : كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : انْطَلِقُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ , فَانْطَلَقُوا بِهِ , فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ أَدْبَرَ يَشْتَدُّ , فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ لَحْيُ جَمَلٍ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ , فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارُهُ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ فَقَالَ : فَهَلاَّ تَرَكْتُمُوهُ . قال أبو محمد : وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ قَاطِعًا يَدَ السَّارِقِ وَإِنَّمَا تَوَلَّى الْقَطْعَ غَيْرُهُ ، وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ , وَإِنَّمَا تَوَلَّى قَتْلَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه كَمَا رُوِّينَا عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ شُرَاحَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ , وَرَجْمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَقَالَ : جَلَدْتُكِ بِكِتَابِ اللَّهِ , وَرَجَمْتُكِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ عَلِيٌّ : فَإِذْ مَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ وَكَانَ مُتَوَلِّي الْقَتْلِ مُطِيعًا لِلآمِرِ مُنَفِّذًا لأََمْرِهِ , وَلَوْلاَ أَمْرُهُ إيَّاهُ لَمْ يَقْتُلْهُ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ وَالشَّرِيعَةِ قَاتِلاً وَقَاطِعًا صَحَّ أَنَّهُمَا جَمِيعًا قَاتِلاَنِ , وَقَاطِعَانِ , وَجَالِدَانِ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا جَمِيعًا مَا عَلَى الْقَاتِلِ , وَالْقَاطِعِ , وَالْجَالِدِ , مِنْ الْقَوَدِ , وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُكْرِهُ , وَالآمِرُ , وَالْمُنْطَاعُ وَهَذَا برهان ضَرُورِيٌّ لاَ مَحِيدَ عَنْهُ. قال أبو محمد : فَسَوَاءٌ أَمَرَ عَبْدَهُ , أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ , أَوْ صَبِيًّا , أَوْ بَالِغًا , أَوْ مَجْنُونًا إذَا كَانَ مُتَوَلِّيَ الْقَتْلِ , أَوْ الْجِنَايَةِ بِالْقَطْعِ , أَوْ الْكَسْرِ , أَوْ الضَّرْبِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ : إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الآمِرِ وَلَوْلاَ أَمْرُهُ لَمْ يَفْعَلْهُ فَالآمِرُ , وَالْمُبَاشِرُ : فَاعِلاَنِ لِكُلِّ ذَلِكَ جَمِيعًا. وَأَمَّا إذَا أَمَرَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ طَاعَةً لِلآمِرِ : فَالْمُبَاشِرُ وَحْدَهُ : الْقَاتِلُ , وَالْقَاطِعُ وَالْكَاسِرُ , وَالْفَاقِئُ , وَالْجَانِي : فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَحْدَهُ , وَلاَ شَيْءَ عَلَى الآمِرِ , لأََنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ هَاهُنَا اسْمُ قَاتِلٍ , وَلاَ قَاطِعٍ , وَلاَ جَالِدٍ , وَلاَ كَاسِرٍ ، وَلاَ فَاقِئٍ وَإِنَّمَا الأَحْكَامُ لِلأَسْمَاءِ فَقَطْ. أَمَّا الصَّبِيُّ , وَالْمَجْنُونُ : فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا , وَالآمِرُ هُوَ الْقَاتِلُ , الْقَاطِعُ , الْجَالِدُ , الْكَاسِرُ , الْفَاقِئُ : فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ. وَأَمَّا مَنْ أَمَرَ عَبْدًا لَهُ , أَوْ لِغَيْرِهِ , أَوْ حُرًّا , وَكَانُوا جُهَّالاً لاَ يَدْرُونَ تَحْرِيمَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ : فَالآمِرُ وَحْدَهُ هُوَ الْقَاتِلُ الْجَانِي فِي كُلِّ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ , وَلاَ شَيْءَ عَلَى الْجَاهِلِ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قال أبو محمد : وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِهِ عَبْدَهُ , وَبَيْنَ أَمْرِهِ غَيْرَهُ ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِ السُّلْطَانِ وَبَيْنَ أَمْرِ غَيْرِ السُّلْطَانِ , لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا افْتَرَضَ طَاعَةَ السُّلْطَانِ وَطَاعَاتِ السَّادَاتِ فِيمَا هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى , وَحَرَّمَ طَاعَةَ الْمَخْلُوقِينَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ , كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الطَّاعَةِ , فَإِذَا أُمِرَ أَحَدُكُمْ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ ، وَلاَ طَاعَةَ. وَقَدْ أَوْرَدْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ. قَالَ عَلِيٌّ : وَمَنْ أَمَرَ آخَرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ بِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ مُطِيعًا لِلأَمْرِ وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ فَالآمِرُ قَاتِلٌ وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ كَمَا قلنا فِي قَتْلِ غَيْرِهِ ، وَلاَ فَرْقَ فَلَوْ أَمَرَهُ فَقَالَ : اُقْتُلْنِي , فَقَتَلَهُ مُؤْتَمِرًا لأََمْرِهِ فَهُوَ أَيْضًا قَاتِلٌ , وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُؤَدَّبُ الْمُمْسِكُ فَقَطْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُسْجَنُ الْمُمْسِكُ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ أَيْضًا. فَالْقَائِلُونَ بِحَبْسِهِ حَتَّى يَمُوتَ : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : إنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِرَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا وَأَمْسَكَ الآخَرُ , فَقَتَلَ الَّذِي قَتَلَ , وَقَالَ لِلَّذِي أَمْسَكَ : أَمْسَكْت لِلْمَوْتِ , فَأَنَا أَحْبِسُك فِي السِّجْنِ حَتَّى تَمُوتَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا رُوِّينَا عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ الْمُمْسِكِ وَالْقَاتِلِ فَقَالاَ جَمِيعًا : يُقْتَلُ الْقَاتِلُ. وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الرَّهْطِ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الرَّجُلِ فَيُمْسِكُونَهُ , فَيَفْقَأُ أَحَدُهُمْ عَيْنَيْهِ , أَوْ يَكْسِرُ رِجْلَيْهِ , أَوْ يَدَيْهِ , أَوْ أَسْنَانَهُ , أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنْهُ : إنَّهُ يُقَادُ مِنْ الَّذِي يُبَاشِرُ ذَلِكَ مِنْهُ , وَيُعَاقَبُ الآخَرُونَ الَّذِينَ أَمْسَكُوهُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً فَإِنْ اسْتَحَبَّ الْمُصَابُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ يَغْرَمُونَهَا جَمِيعًا سَوَاءً. وقال أبو حنيفة , وَالشَّافِعِيُّ : يُقْتَلُ الْقَاتِلُ , وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ. وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : سَمِعْت سُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ : الأَجْتِمَاعُ فِينَا عَلَى الْمَقْتُولِ هُوَ أَنْ يُمْسِكَ الرَّجُلُ وَيَضْرِبَهُ الآخَرُ , فَهُمَا شَرِيكَانِ عِنْدَنَا فِي دَمِهِ : يُقْتَلاَنِ جَمِيعًا. وَعَنْ رَبِيعَةَ ، أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّهْطِ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الرَّجُلِ فَيُمْسِكُونَهُ فَيَفْقَأُ أَحَدُهُمْ عَيْنَيْهِ , أَوْ يَكْسِرُ رِجْلَيْهِ ; أَوْ يَدَيْهِ , أَوْ أَسْنَانَهُ , أَوْ نَحْوَ هَذَا مِنْهُ : أَنَّهُ يُقَادُ مِنْ الَّذِي بَاشَرَ , وَمِنْ الَّذِي أَمْسَكَ , يُقَادُ مِنْهُمَا جَمِيعًا. وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ فِي الْقَتْلِ إنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ : فَالْقَوَدُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا . وَبِهِ يَقُولُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْرِفَ صَوَابَ ذَلِكَ مِنْ خَطَئِهِ : فَوَجَدْنَا مَنْ قَالَ بِقَتْلِ الْمُمْسِكِ يَقُولُ : قَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ : لَوْ تَمَالاََ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ قال أبو محمد : وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ , لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِلْمُمْسِكِ أَصْلاً , وَنَعَمْ , وَنَحْنُ نَقُولُ : لَوْ بَاشَرَ قَتْلَهُ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَوَجَبَ قَتْلُهُمْ وَالثَّانِي أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالثَّالِثُ أَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ عُمَرَ الَّتِي خَالَفُوهُ فِيهَا عَشْرَاتٍ : كَخُطْبَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الضِّرْسِ جَمَلاً , وَفِي الضِّلْعِ جَمَلاً , وَفِي التَّرْقُوَةِ جَمَلاً وَحُكْمِهِ فِي الْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ بِثُلُثِ دِيَتِهَا وَفِي السِّنِّ السَّوْدَاءِ بِثُلُثِ دِيَتِهَا وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ بِثُلُثِ دِيَتِهَا كُلُّ ذَلِكَ عَنْهُ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ , وَأَوْضَحِ بَيَانٍ. فَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا : أَنْ يَكُونَ مَا قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه وَخَطَبَ بِهِ , وَحَكَمَ بِهِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ , لاَ يُعْرَفُ لَهُ عَنْهُمْ مُخَالِفٌ فِيهِ لاَ يَكُونُ : حُجَّةً , وَيَكُونُ مَا لَمْ يَقُلْ , وَلاَ دَلَّ عَلَيْهِ , وَلاَ أَشَارَ إلَيْهِ : حُجَّةً. وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُ , فَكَيْفَ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ فَإِنْ قَالُوا : إنَّ الْمُمْسِكَ مُعِينٌ قلنا : نَعَمْ , وَمَا جَاءَتْ قَطُّ سُنَّةٌ , وَلاَ قُرْآنٌ , وَلاَ قِيَاسٌ , وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ : بِأَنَّ الْمُعِينَ يُقْتَلُ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ لِتَعِرِّيهِ مِنْ الْحُجَجِ. ثُمَّ وَجَدْنَاهُ يُبْطِلُهُ الْبُرْهَانُ : وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَصَّ : عَلَى أَنْ لاَ يَحِلَّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ : رَجُلٌ تَرَكَ دِينَهُ , أَوْ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ , أَوْ قَتَلَ نَفْسًا وَالْمُمْسِكُ لاَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ , وَلاَ فِي الشَّرِيعَةِ " قَاتِلاً ". ثُمَّ سَأَلْنَاهُمْ عَنْ الْمُمْسِكِ لِلْمَرْأَةِ حَتَّى يَزْنِيَ بِهَا غَيْرُهُ أَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا وَيُسَمَّى " زَانِيًا " أَمْ لاَ فَلاَ خِلاَفَ مِنْهُمْ فِي أَنَّهُ لَيْسَ " زَانِيًا " ، وَلاَ يُسَمَّى " زَانِيًا " ، وَلاَ عَلَيْهِ حَدُّ زِنًى فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يُسَمَّى الْمُمْسِكُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ عَلَى مَا أَمْسَكَ لَهُ. فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ : فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَاتِلِيهِ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا مُمْسِكُوهُ وَضَارِبُهُ قِيلَ لَهُمْ : هَذَا قَوْلٌ جَائِرٌ مُتَعَدٍّ , مُخْبِرٌ عَنْ نِيَّتِهِ فَقَطْ , لاَ عَنْ اللُّغَةِ , وَلاَ عَنْ الدِّيَانَةِ. وبرهان هَذَا : قَوْلُهُ فِي هَذَا الشِّعْرِ بَعْدَ هَذَا الْبَيْت : بَنِي هَاشِمٍ رُدُّوا سِلاَحَ ابْنِ أُخْتِكُمْ ، وَلاَ تَنْهَبُوهُ لاَ تَحِلَّ مَنَاهِبُهُ بَنِي هَاشِمٍ كَيْفَ الْهَوَادَةُ بَيْنَنَا وَعِنْدَ عَلِيٍّ دِرْعُهُ وَنَجَائِبُهُ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَاتِلِيهِ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا قَاتَلُوهُ وَسَالِبُهُ هُمُو قَتَلُوهُ كَيْ يَكُونُوا مَكَانَهُ مَا غَدَرَتْ يَوْمًا بِكِسْرَى مَرَازِبُهُ قال أبو محمد : حَاشَ لِلَّهِ , وَمَعَاذَ اللَّهِ , وَأَبَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عَلِيٍّ سَلَبُ عُثْمَانَ وَدِرْعُهُ وَنَجَائِبُهُ , كَمَا قَالَ الْوَلِيدُ الْكَاذِبُ , وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ قَتَلَ عُثْمَانَ لاََنْ يَكُونَ مَكَانَهُ , أَوْ لِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا , وَعَلِيٌّ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَقْتُلَ عُثْمَانَ , وَعُثْمَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ عَلِيٌّ. ثُمَّ لَوْ احْتَجَجْنَا بِهَذَا الْبَيْتِ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا عَلَيْهِمْ , لأََنَّ فِيهِ : فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَاتِلِيهِ فَإِنَّهُ سَوَاءٌ عَلَيْنَا مُمْسِكُوهُ وَضَارِبُهُ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْمُمْسِكِينَ لَيْسُوا قَاتِلِينَ , فَهَذَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : ثُمَّ نَظَرْنَا فِي غَيْرِهِ فَوَجَدْنَا الْمُمْسِكَ لَيْسَ قَاتِلاً , لَكِنَّهُ حَبَسَ إنْسَانًا حَتَّى مَاتَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} , فَكَانَ الْمُمْسِكُ لِلْقَتْلِ سَبَبًا وَمُتَعَدِّيًا , فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ , فَوَاجِبٌ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ , فَيُمْسَكَ مَحْبُوسًا حَتَّى يَمُوتَ وَبِهَذَا نَقُولُ. وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ مُرْسَلٌ. كَمَا ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُلٍ يُمْسِكُهُ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ بِأَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ وَيُحْبَسَ الْمُمْسِكُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ خَبَرًا أَثْبَته " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يُحْبَسُ الصَّابِرُ لِلْمَوْتِ كَمَا حَبَسَ وَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ. قال أبو محمد : تَفْرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ حُكْمِ الْحَابِسِ وَبَيْنَ حُكْمِ الْقَاتِلِ : بَيَانٌ جَلِيٌّ. وَعَهِدْنَا بِالْحَنَفِيِّينَ وَالْمَالِكِيِّينَ , يَقُولُونَ : إنَّ الْمُرْسَلَ وَالْمُسْنَدَ سَوَاءٌ وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ , وَقَدْ خَالَفُوهُ , وَيُشَنِّعُونَ عَلَى مَنْ خَالَفَ قَوْلَ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ كَفَّارَةٌ , كَمَا هِيَ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ , وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ , وَالشَّافِعِيِّ. وقال مالك , وَاللَّيْثُ : يُعْتِقُ رَقَبَةً أَوْ يَصُومُ شَهْرَيْنِ , وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ الْخَيْرِ. وقال أبو حنيفة , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُنَا : لاَ كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ , وَلَكِنْ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى , وَيَتُوبُ إلَيْهِ , وَيُكْثِرُ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ. قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ , وَاللَّيْثِ , فَوَجَدْنَاهُمَا لاَ يَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَا رَأَيَا ذَلِكَ وَاجِبًا أَمْ لاَ فَإِنْ كَانَا لَمْ يَرَيَاهُ وَاجِبًا , فَأَيُّ مَعْنًى لِتَخْصِيصِهِمَا عِتْقَ رَقَبَةٍ , أَوْ صَوْمَ شَهْرَيْنِ دُونَ سَائِرِ وُجُوهِ الْبِرِّ مِنْ الْجِهَادِ , وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى , وَالصَّدَقَةِ. وَإِنْ كَانَا رَأَيَاهُ وَاجِبًا , فَقَدْ خَيَّرَاهُ بَيْنَ الْعِتْقِ , وَالصَّوْمِ , وَلَيْسَتْ هَذِهِ صِفَةَ الْكَفَّارَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ , لأََنَّ تِلْكَ مُرَتَّبَةٌ , وَهُمْ قَدْ خَيَّرُوهُ , فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ : بِمَا ثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ الْغَرِيفِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالُوا : إنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ قَالَ : فَلِيُعْتِقْ رَقَبَةً يَفُكَّ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ : وَأَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ صَاحِبُ الشَّافِعِيِّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عُلَيَّةَ قَالَ : كُنْت جَالِسًا بِأَرِيحَاءَ فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ بْنُ الأَسْقَعِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ فَأَجْلَسَهُ , ثُمَّ جَاءَ إلَيَّ فَقَالَ : عَجِبْت مِمَّا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ يَعْنِي وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ قُلْت : مَا حَدَّثَك قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ , فَقَالُوا : إنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يُعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ. وَبِمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ الرَّقِّيِّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ النُّعْمَانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : جَاءَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَأَدْتُ بَنَاتٍ لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ اعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَقَبَةً قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي صَاحِبُ إبِلٍ قَالَ : فَانْحَرْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بَدَنَةً. وَقَالُوا : لَمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ ، وَلاَ ذَنْبَ لَهُ كَفَّارَةً فِي ذَلِكَ , كَانَ الْعَامِدُ الْمُذْنِبُ أَحَقَّ بِالْكَفَّارَةِ. قال أبو محمد : أَمَّا حَدِيثُ وَاثِلَةَ فَلاَ يَصِحُّ , لأََنَّ الْغَرِيفَ مَجْهُولٌ , وَقَدْ ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيُّ وَهَذَا خَطَأٌ , لأََنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ نَسَبَ الْغَرِيفَ ، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ فَقَالَ ابْنُ عَيَّاشٍ : وَلَمْ يَكُنْ فِي بَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَيْرُوزَ أَحَدٌ يُسَمَّى عَيَّاشًا ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ أَوْثَقُ وَأَضْبِطُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَمَا كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ , لأََنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ قَتَلَ عَمْدًا , فَإِذْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ : فَلاَ شُبْهَةَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَصْلاً. وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ ، وَلاَ يُعْرَفُ فِي اللُّغَةِ أَنَّ " أَوْجَبَ " بِمَعْنَى قَتَلَ عَمْدًا , فَصَارَ هَذَا التَّأْوِيلُ كَذِبًا مُجَرَّدًا , وَدَعْوَى عَلَى اللُّغَةِ لاَ تُعْرَفُ. وَقَدْ يَكُون مَعْنَى " أَوْجَبَ " أَيْ أَوْجَبَ لِنَفْسِهِ النَّارَ بِكَثْرَةِ مَعَاصِيهِ , وَيَكُونُ مَعْنَى " قَدْ أَوْجَبَ " أَيْ قَدْ حَضَرَتْ مَنِيَّتُهُ فَقَدْ يُقَالُ : هَذَا أَوْجَبُ فُلاَنٍ بِمَعْنَى مَاتَ فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : إنَّ سُكُوتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ ذِكْرِ " الرَّقَبَةِ " أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً , وَعَنْ تَعْوِيضِ الشَّهْرَيْنِ : دَلِيلٌ عَلَى بُطْلاَنِ قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ. قال أبو محمد : وَأَمَّا خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَلاَ يَصِحُّ , لأََنَّ فِي طَرِيقِهِ إسْرَائِيلَ وَهُوَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَسِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ وَكَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ. وَأَيْضًا فَكَانَ يَكُونُ فِي إيجَابِ ذَلِكَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ كَافِرٌ حَرْبِيٌّ كَمَا كَانَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمَأْمُورُ بِهَذِهِ الْكَفَّارَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ بِهَذَا أَصْلاً فَبَطَلَ تَعَلُّقَهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ. وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَطْرَدَ مِنْهُمْ لِلْخَطَأِ فِي قَوْلِهِمْ , فَقَدْ أَخْطَأَ مَعَهُمْ فِيهِ أَيْضًا , لأََنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ أَنْ لاَ يُقَاسَ الشَّيْءُ إِلاَّ عَلَى نَظِيرِهِ , وَمَا يُشْبِهُهُ لاَ عَلَى ضِدِّهِ , وَمَا لاَ يُشْبِهُهُ , فَالْخَطَأُ هَاهُنَا فِي قِيَاسِ الْعَمْدِ عَلَى الْخَطَأِ وَهُوَ ضِدُّهُ. وَأَخْطَئُوا أَيْضًا كُلُّهُمْ مَعَهُ فِي قِيَاسِهِمْ الْمُخْطِئَ فِي الصَّيْدِ يَقْتُلُهُ مُحْرِمًا عَلَى الْمُحْرِمِ يَقْتُلُهُ عَامِدًا , فَقَاسُوا أَيْضًا هُنَالِكَ الْخَطَأَ عَلَى الْعَمْدِ , وَهُوَ ضِدُّهُ. وَأَخْطَئُوا أَيْضًا مَعَهُ كُلُّهُمْ فِي قِيَاسِهِمْ تَرْكَ الصَّلاَةِ عَمْدًا عَلَى تَرْكِهَا نِسْيَانًا. وَقَدْ شَارَكَهُمَا الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي خَطَأٍ آخَرَ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُهُمْ كُلُّهُمْ : أَنْ لاَ يُقَاسَ مُتَعَمِّدُ التَّسْلِيمِ مِنْ الصَّلاَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا فِي إيجَابِ السَّجْدَتَيْنِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُسَلِّمِ مِنْ الصَّلاَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا نِسْيَانًا فَهَذِهِ صِفَةُ الْقِيَاسِ , وَصِفَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي قِيَاسَاتِهِمْ كُلِّهَا : يَهْدِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا , وَيَنْقُضُ بَعْضُهَا بَعْضًا قال أبو محمد : فَإِذْ لاَ حُجَّةَ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى قَاتِلِ الْعَمْدِ , لاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. فَصَحَّ أَنَّ الدِّينَ كُلَّهُ قَدْ كَمُلَ وَبَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ كَفَّارَةٌ مَحْدُودَةٌ لَبَيَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى , كَمَا بَيَّنَ لَنَا الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ. وَكَمَا بَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُودَ الْقَوَدِ , أَوْ الدِّيَةِ , أَوْ الْمُفَادَاةِ , فِي ذَلِكَ. فَإِذْ لَمْ يُخْبِرْنَا اللَّهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلاَ أَوْجَبَهُ هُوَ , وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى : أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَطُّ كَفَّارَةً مَحْدُودَةً فِي ذَلِكَ , وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَى قوله تعالى قال أبو محمد : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ : أَنَّ جَوَارِيَ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ كُنَّ يَتَزَاوَرْنَ , وَيَتَهَادَيْنَ , فَأُرِنَ , وَأَشَرْنَ , فَلَعِبْنَ الأَخْرِقَةَ فَرَكِبَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْأُخْرَى , وَنَخَسَتْهَا الثَّالِثَةُ , فَوَقَعَتْ : فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا , فَسَأَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ , وَفَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالاَ جَمِيعًا : الدِّيَةُ ثَلاَثَةُ أَثْلاَثٍ , وَتَبْقَى حِصَّتُهَا , لأََنَّهَا أَعَانَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَكَتَبَ إلَى الْعِرَاقِ : فَسَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : بُرِينَ مِنْ نَطْفِهَا إِلاَّ مَنْ نَخَسَتْهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ مِثْلَ قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَهَا الْعُقْر. وَبِهِ إلَى حَمَّادِ بْنِ دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ ثَلاَثَ جَوَارٍ قَالَتْ إحْدَاهُنَّ : أَنَا الزَّوْجُ , وَقَالَتْ الْأُخْرَى : أَنَا الزَّوْجَةُ , وَقَالَتْ الْأُخْرَى : أَنَا الأَبُ , فَنَخَسَتْ الَّتِي قَالَتْ : أَنَا الزَّوْجُ الَّتِي قَالَتْ : أَنَا الزَّوْجَةُ , فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا , فَقَضَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ , بِالدِّيَةِ عَلَيْهِنَّ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَهَا الْعُقْرُ. وَبِهِ إلَى حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ جَارِيَتَيْنِ دَخَلَتَا الْحَمَّامَ فَدَفَعَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى , فَذَهَبَتْ عُذْرَتُهَا فَقَالَ شُرَيْحٌ : لَهَا عُقْرُهَا. وَبِهِ إلَى حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ : أَنَّ رَجُلاً اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً فَافْتَضَّهَا فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هِيَ جَائِفَةٌ , فَقَضَى لَهَا عُمَرُ بِثُلُثِ الدِّيَةِ. قال أبو محمد : هَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ : فِي إحْدَاهُمَا قَوْلُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ صَاحِبٌ مِنْ قُضَاةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ. وَالْأُخْرَى فِيهَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَيْضًا. وَجَمِيعُ الْحَاضِرِينَ الْمُخَالِفِينَ مِنْ الْمَالِكِيِّينَ , وَالْحَنَفِيِّينَ , وَالشَّافِعِيِّينَ : مُخَالِفُونَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ , وَهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ , وَلاَ يُبَالُونَ بِهِ إذَا خَالَفَ تَقْلِيدَهُمْ قَالَ عَلِيٌّ : أَمَّا الْمَرْأَةُ تُذْهِبُ عُذْرَةَ الْمَرْأَةِ بِنَخْسَةٍ , أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عُدْوَانٌ يُقْتَصُّ مِنْهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا , فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَقَدْ عَدِمَتْ مَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِيهِ , فَلَيْسَ إِلاَّ الأَدَبُ برهان ذَلِكَ : قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَلِكَ لاَ مَدْخَلَ لِلْعُقْرِ هَاهُنَا , لأََنَّ الْعُقْرَ هُوَ الْمَهْرُ , وَالْمَهْرُ إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ لاَ فِيمَا عَدَاهُ وَبِاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ سَتَقَعُ وَتَكُونُ. وَنَحْنُ نُقْسِمُ بِاَللَّهِ : لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ فِي ذَلِكَ غَرَامَةٌ لَبَيَّنَهَا , وَلَمَا أَغْفَلَهَا , فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ تَعَالَى ذَلِكَ فَمَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا غُرْمًا أَصْلاً ، وَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : أَقْبَلَ رَجُلٌ بِجَارِيَةٍ مِنْ الْقَادِسِيَّةِ فَمَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَاقِفٍ عَلَى دَابَّةٍ , فَنَخَسَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ , فَرَفَعَتْ الدَّابَّةُ رِجْلَهَا فَلَمْ تُخْطِئْ عَيْنَ الْجَارِيَةِ , فَرُفِعَ إلَى سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيِّ , فَضَمَّنَ الرَّاكِبَ , فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ مَسْعُودٍ , فَقَالَ : عَلَى الرَّجُلِ , إنَّمَا يَضْمَن النَّاخِسُ. عَنْ شُرَيْحٍ : يَضْمَنُهَا النَّاخِسُ وَعَنْ الشَّعْبِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ. قال أبو محمد : فَهَذِهِ اخْتَلَفُوا فِيهَا كَمَا تَرَى : سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ , وَابْنُ مَسْعُودٍ ضَمَّنَ النَّاخِسَ قَالَ عَلِيٌّ : النَّاخِسُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِتَحْرِيكِ الدَّابَّةِ , فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَتْ , فَفِي الْمَالِ الضَّمَانُ. وَأَمَّا فِي الرَّجُلِ فَإِنْ كَانَ قَصَدَ إلَى تَحْرِيكِهَا لِتَضْرِبَ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ , أَوْ بَعْضَ جَمَاعَةٍ عَلِمَ بِهَا النَّاخِسُ : فَهُوَ قَاتِلٌ عَمْدٌ , وَجَانٍ , عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ , وَعَلَيْهِ فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ , أَوْ الْمُفَادَاةُ وَإِنْ كَانَ لاَ يَدْرِي أَنَّ هُنَالِكَ أَحَدًا : فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأُ , وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ , وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَزْهَرَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلاً قَدْ ذَهَبَتْ الرُّوحُ مِنْ نِصْفِ جَسَدِهِ قَالَ : يَضْمَنُهُ. قَالَ عَلِيٌّ : لاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ مَنْ قَرُبَتْ نَفْسُهُ مِنْ الزَّهُوقِ بِعِلَّةٍ , أَوْ بِجِرَاحَةٍ , أَوْ بِجِنَايَةٍ بِعَمْدٍ , أَوْ خَطَأٍ , فَمَاتَ لَهُ مَيِّتٌ , فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ , فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ مِنْ الأَحْرَارِ وَأَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى الْكَلاَمِ فَأَسْلَمَ وَكَانَ كَافِرًا وَهُوَ يُمَيِّزُ بَعْدُ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ أَهْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَأَنَّهُ إنْ عَايَنَ وَشَخَّصَ وَلَوْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إِلاَّ نَفَسٌ وَاحِدُ , فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ , فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ , وَيَرِثُهَا عَنْهُ وَرَثَتُهُ. فَصَحَّ أَنَّهُ حَيٌّ بَعْدُ بِلاَ شَكٍّ , إذْ لاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهِمْ , فِي أَنَّهُ لَيْسَ إِلاَّ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى الْقَسَمِ , فَإِذْ هُوَ كَذَلِكَ , وَكُنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ إعْجَالَ مَوْتِهِ وَغَمِّهِ , وَمَنْعَهُ النَّفَسَ : فَبِيَقِينٍ وَضَرُورَةٍ نَدْرِي أَنَّ قَاتِلَهُ قَاتِلُ نَفْسٍ بِلاَ شَكٍّ , فَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَمْدًا : فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ عَمْدًا , وَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً وَعَلَى الْعَامِدِ : الْقَوَدُ , أَوْ الدِّيَةُ , أَوْ الْمُفَادَاةُ , وَعَلَى الْمُخْطِئِ الْكَفَّارَةُ , وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ , وَكَذَلِكَ فِي أَعْضَائِهِ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ عَفْوَ فِي ذَلِكَ لِلْوَلِيِّ : حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ : إذَا بُلِّغَ الْإِمَامُ , فَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ , وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُوَ , وَإِنَّمَا هُوَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ عَلِيٌّ : وَبِهَذَا يَقُولُ مَالِكٌ , وَرَأَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي قَاتِلِ الْحِرَابَةِ حَتَّى إنَّهُ رَأَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَقْتُلَ الْمُؤْمِنَ بِالْكَافِرِ. وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ لِوَلِيِّهِ مَا لِوَلِيِّ غَيْرِهِ مِنْ الْقَتْلِ , أَوْ الْعَفْوِ , أَوْ الدِّيَةِ. كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ : أَنَّ عُرْوَةَ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رَجُلٍ خَنَقَ صَبِيًّا عَلَى أَوْضَاحٍ لَهُ حَتَّى قَتَلَهُ , فَوَجَدُوهُ وَالْحَبْلُ فِي يَدِهِ , فَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ , فَكَتَبَ : أَنْ ادْفَعُوهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الصَّبِيِّ , فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ. وَبِهَذَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمْ. قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ فَوَجَدْنَا الْقَائِلِينَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ فِي ذَلِكَ يَحْتَجُّونَ : بِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الْيَهُودِ قَتَلَ جَارِيَةً مِنْ الأَنْصَارِ عَلَى حُلِيٍّ لَهَا , ثُمَّ أَلْقَاهَا فِي الْقَلِيبِ , وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ , فَأُخِذَ وَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَرَّ , فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ , فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ جَارِيَةً وُجِدَتْ قَدْ رُضَّ رَأْسُهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكَ فُلاَنٌ , فُلاَنٌ حَتَّى ذَكَرُوا يَهُودِيًّا , فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا , فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُضُّوا رَأْسَهُ بِالْحِجَارَةِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ " فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسُمِلَ أَعْيُنُهُمْ , ثُمَّ نُبِذُوا فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا. وَذَكَرُوا مَا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ فَلْحُونٍ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ حَبِيبٍ الْهُذَلِيِّ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ كَتَبَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : أَنَّ رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَدَا عَلَى دِهْقَانٍ فَقَتَلَهُ عَلَى مَالِهِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُثْمَانُ : أَنْ اُقْتُلْهُ بِهِ فَإِنَّ هَذَا قَتَلَ غِيلَةً عَلَى الْحِرَابَةِ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ رَجُلاً مُسْلِمًا فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَتَلَ نَبَطِيًّا بِذِي حُمَيْتٍ عَلَى مَالٍ مَعَهُ , فَرَأَيْت أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَمَرَ بِالْمُسْلِمِ فَقُتِلَ بِالنَّبَطِيِّ , لِقَتْلِهِ إيَّاهُ غِيلَةً فَرَأَيْته حَتَّى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَهِدَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ , إذْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِنَصْرَانِيٍّ قَتَلَهُ قَتْلَ غِيلَةً. قَالَ عَلِيٌّ : فَقَالُوا : هَذَا رَسُولٌ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَتَلَ الْيَهُودِيَّ , وَلَمْ يَجْعَل ذَلِكَ خِيَارًا لأََوْلِيَاءِ الْجَارِيَةِ. وَكَذَلِكَ قَتَلَ الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا الرِّعَاءَ قَتْلَ حِرَابَةٍ وَغِيلَةٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ فِي ذَلِكَ خِيَارًا لأََوْلِيَاءِ الرِّعَاءِ. قَالُوا : وَهَذَا عُثْمَانُ رضي الله تعالى عنه قَدْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ بِالْكَافِرِ , إذْ قَتَلَهُ غِيلَةً , وَلَمْ يَجْعَلْ فِي ذَلِكَ خِيَارًا لِوَلِيِّهِ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ قال أبو محمد : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا يَشْغَبُونَ بِهِ إِلاَّ هَذَا , وَكُلُّهُ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ : أَمَّا حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ الَّذِي رَضَخَ رَأْسَ الْجَارِيَةِ عَلَى أَوْضَاحِهَا فَلَيْسَ فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُشَاوِرْ وَلِيَّهَا , وَلاَ أَنَّهُ شَاوَرَهُ , وَلاَ ، أَنَّهُ قَالَ " اخْتَرْ " لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ فِي الْغِيلَةِ , أَوْ الْحِرَابَةِ , فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ عليه الصلاة والسلام فَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَنْسِبَ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكْذِبَ عَلَيْهِ , وَيَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ. فَكَيْفَ وهذا الخبر حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ قَاتِلَ الْغِيلَةِ , أَوْ الْحِرَابَةِ لاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُقْتَلَ رَضْخًا فِي الرَّأْسِ بِالْحِجَارَةِ , وَلاَ رَجْمًا , وَهَذَا مَا لاَ يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ. فَصَحَّ يَقِينًا إذْ قَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَضْخًا بِالْحِجَارَةِ أَنَّهُ إنَّمَا قَتَلَهُ قَوَدًا بِالْحِجَارَةِ وَإِذْ قَتَلَهُ قَوَدًا بِهَا , فَحُكْمُ قَتْلِ الْقَوَدِ أَنْ يَكُونَ بِالْخِيَارِ فِي ذَلِكَ , أَوْ الْعَفْوِ لِلْوَلِيِّ , وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ , فَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ. فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ فَرْضًا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَضُمَّ هَذَا الْحُكْمَ إلَى هَذَا الْخَبَرِ وَلَيْسَ سُكُوتُ الرُّوَاةِ عَنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ وَلِيَّهَا بِمُسْقِطٍ مَا أَوْجَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَتْلِ مِنْ تَخْيِيرِ وَلِيِّهِ , بَلْ بِلاَ شَكٍّ فِي أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُخَالِفْ مَا أَمَرَ بِهِ , وَلاَ يَخْلُو هَذَا مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الْمَرْوِيَّةِ فِي سَائِرِ النُّصُوصِ أَصْلاً وَلَوْ كَانَ هَذَا الْفِعْلُ تَخْصِيصًا أَوْ نَسْخًا لَبَيَّنَهُ عليه السلام , فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْعُرَنِيِّينَ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَيْضًا ,. لِمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْخَبَرِ سَوَاءٌ سَوَاءٌ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُشَاوِرْ أَوْلِيَاءَ الرِّعَاءِ إنْ كَانَ لَهُمْ أَوْلِيَاءُ ، وَلاَ ، أَنَّهُ قَالَ : لاَ خِيَارَ فِي هَذَا لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ , فَإِذْ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ ، وَلاَ لَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَاصَّةً فَوَجَبَ عَلَيْنَا طَلَبُ حُكْمِهَا بِمَوْضِعٍ آخَرَ. ثُمَّ إنَّ هَذَا الْخَبَرَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ , لِ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ , وَحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ , وَفِيهِ : أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرِّعَاءَ , وَارْتَدُّوا عَنْ الإِسْلاَمِ , وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ , فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا. قال أبو محمد : فَهَؤُلاَءِ ارْتَدُّوا عَنْ الإِسْلاَمِ , وَالْمَالِكِيُّونَ هُمْ عَلَى خِلاَفِ هَذَا الْحُكْمِ مِنْ وُجُوهٍ ثَلاَثَةٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ عِنْدَهُمْ ، وَلاَ عِنْدَنَا هَذِهِ الْقِتْلَةَ أَصْلاً. وَالثَّانِي أَنَّهُ لاَ يُقْتَصُّ عِنْدَهُمْ مِنْ الْمُرْتَدِّ , وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَهُمْ الْقَتْلُ أَوْ التَّرْكُ , إنْ تَابَ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ , وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ اسْتِتَابَتِهِ أَلْبَتَّةَ , فَعَادَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ , وَمُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ عَلِيٌّ : وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ فَضَعِيفَةٌ جِدًّا لأََنَّهَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ سَاقِطُ الرِّوَايَةِ جِدًّا ثُمَّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ وَلَمْ يُدْرِكْ عُثْمَانَ. وَأَيْضًا فَلاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَمْ قِصَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُثْمَانَ رضي الله عنه بِأَصَحَّ مِنْ هَذَا السَّنَدِ كَقَضَائِهِ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ فِيمَنْ ضَرَبَ آخَرَ حَتَّى سَلَحَ ، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، , وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ حُجَّةً فِي إبَاحَةِ الدِّمَاءِ , وَلاَ يَكُونُ مَا صَحَّ عَنْهُ حُجَّةً فِي غَيْرِ ذَلِكَ قال أبو محمد : فَإِذْ قَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِالْخَبَرَيْنِ بِمَا ذَكَرْنَا , وَبِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلأَنْصَارِيَّةِ وَلِيٌّ صَغِيرٌ لاَ خِيَارَ لَهُ فَاخْتَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوَدَ هَذَا لَوْ صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُخَيِّرْ الْوَلِيَّ فَكَيْفَ وَهُوَ لاَ يَصِحُّ أَبَدًا. وَكَذَلِكَ الرِّعَاءُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا غُرَبَاءَ لاَ وَلِيَّ لَهُمْ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى , وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ يَقُولُ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُهُمْ فَلَيْسَ فِي الآيَةِ مَا يَدْعُونَهُ مِنْ أَنَّ قَاتِلَ الْحِرَابَةِ , وَالْغِيلَةِ لاَ خِيَارَ فِيهِ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ فَخَرَجَ قَوْلُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُتَعَلَّقٌ , أَوْ سَبَبٌ يَصِحُّ , فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْفَرَبْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أَبِي قِلاَبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلاَبَةَ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَمَعَ النَّاسَ وَفِيهِمْ أَبُو قِلاَبَةَ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ : أَنَّ أَبَا قِلاَبَةَ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعَتْ خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ , فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْمَوْسِمِ , وَقَالُوا : قَتَلَ صَاحِبَنَا , فَقَالَ : إنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ , فَقَالَ عُمَرُ : يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ , فَأَقْسَمَ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِنْ هُذَيْلٍ , وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ الشَّامِ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ , فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ , فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ , فَدَفَعَهُ عُمَرُ إلَى أَخِي الْمَقْتُولِ فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ قَالَ : فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إذَا كَانُوا بِنَخْلَةٍ أَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ , فَانْهَدَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا , فَمَاتُوا جَمِيعًا , وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ , فَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ , فَعَاشَ حَوْلاً ثُمَّ مَاتَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ : خَلَعَ قَوْمٌ مِنْ هُذَيْلٍ سَارِقًا لَهُمْ كَانَ يَسْرِقُ الْحَجِيجَ , فَقَالُوا : قَدْ خَلَعْنَاهُ , فَمَنْ وَجَدَهُ بِسَرِقَةٍ فَدَمُهُ هَدَرٌ فَوَجَدَتْهُ رُفْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يَسْرِقُهُمْ فَقَتَلُوهُ , فَجَاءَ قَوْمُهُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَحَلَفُوا : بِاَللَّهِ مَا خَلَعْنَاهُ , وَلَقَدْ كَذَبَ النَّاسُ عَلَيْنَا , فَأَحْلَفَهُمْ عُمَرُ خَمْسِينَ يَمِينًا , ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ الرُّفْقَةِ فَقَالَ : أَقْرِنُوا هَذَا إلَى أَحَدِكُمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ دِيَةَ صَاحِبِكُمْ , فَانْطَلَقُوا حَتَّى إذَا دَنَوَا مِنْ أَرْضِهِمْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ شَدِيدٌ وَاسْتَتَرُوا بِجَبَلٍ طَوِيلٍ وَقَدْ أَمْسَوْا فَلَمَّا نَزَلُوا كُلُّهُمْ انْقَضَّ عَلَيْهِمْ الْجَبَلُ , فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ , وَلاَ مِنْ رُكَّابِهِمْ إِلاَّ الشَّرِيدَ , وَصَاحِبَهُ , فَكَانَ يُحَدِّثُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ. قال أبو محمد : وَعَهْدُنَا بِالْمَالِكِيِّينَ , وَالْحَنَفِيِّينَ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ وَيَقُولُونَ : إنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ , وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْمَرَاسِيلِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ مُخَالِفَ لَهُ مِنْهُمْ , وَلاَ نَكِيرَ مِنْ أَحَدِهِمْ , فَيَلْزَمُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يُجِيزُوا خَلْعَ عَشِيرَةِ الرَّجُلِ لَهُ , فَلاَ يَكُونُ لَهُمْ طَلَبٌ بِدَمِهِ إنْ قُتِلَ وَهَذَا مَا لاَ يَقُولُونَهُ أَصْلاً فَقَدْ هَانَ عَلَيْهِمْ خِلاَفُ هَذَا الأَصْلِ. وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذْ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ إجَازَةُ خَلْعٍ , فَالْخَلْعُ بَاطِلٌ لاَ مَعْنَى لَهُ , فَكُلُّ جَانٍ بِعَمْدٍ فَلَيْسَ عَلَى عَشِيرَتِهِ مِنْ جِنَايَتِهِ تَبِعَةٌ , وَكُلُّ جَانٍ بِخَطَأٍ فَكَذَلِكَ , إِلاَّ مَا أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ الأَشْعَثِ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلاً اسْتَسْقَى عَلَى بَابِ قَوْمٍ فَأَبَوْا أَنْ يَسْقُوهُ , فَأَدْرَكَهُ الْعَطَشُ فَمَاتَ , فَضَمَّنَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ دِيَتِهِ قال أبو محمد : الْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدَنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ هُوَ أَنَّ الَّذِينَ لَمْ يَسْقُوهُ إنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لاَ مَاءَ لَهُ أَلْبَتَّةَ إِلاَّ عِنْدَهُمْ , وَلاَ يُمْكِنُهُ إدْرَاكُهُ أَصْلاً حَتَّى يَمُوتَ , فَهُمْ قَتَلُوهُ عَمْدًا وَعَلَيْهِمْ الْقَوَدُ بِأَنْ يُمْنَعُوا الْمَاءَ حَتَّى يَمُوتُوا كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا ، وَلاَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَمْرِهِ , وَلاَ مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَسْقِيَهُ , فَإِنْ كَانُوا لاَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَيُقَدِّرُونَ أَنَّهُ سَيُدْرِكُ الْمَاءَ , فَهُمْ قَتَلَةُ خَطَأٍ , وَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ , وَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ الدِّيَةُ ، وَلاَ بُدَّ. برهان ذَلِكَ : قوله تعالى وَقَالَ تَعَالَى {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} , وَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ مُسْلِمٍ فِي الْعَالَمِ أَنَّ مَنْ اسْتَقَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَسْقِيَهُ فَتَعَمَّدَ أَنْ لاَ يَسْقِيَهُ إلَى أَنْ مَاتَ عَطَشًا فَإِنَّهُ قَدْ اعْتَدَى عَلَيْهِ , بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ , وَإِذَا اعْتَدَى فَوَاجِبٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْتَدَى عَلَى الْمُعْتَدِي بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى بِهِ فَصَحَّ قَوْلُنَا بِيَقِينٍ لاَ إشْكَالَ فِيهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَدْ قَتَلَهُ , إذْ مَنَعَهُ مَا لاَ حَيَاةَ لَهُ إِلاَّ بِهِ , فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً , فَعَلَيْهِ مَا عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ. قال أبو محمد : وَهَكَذَا الْقَوْلُ , فِي الْجَائِعِ , وَالْعَارِي , وَلاَ فَرْقَ وَكُلُّ ذَلِكَ عُدْوَانٌ , وَلَيْسَ هَذَا كَمَنْ اتَّبَعَهُ سَبْعٌ فَلَمْ يُؤْوِهِ حَتَّى أَكَلَهُ السَّبْعُ , لأََنَّ السَّبْعَ هُوَ الْقَاتِلُ لَهُ , وَلَمْ يَمُتْ فِي جِنَايَتِهِمْ , وَلاَ مِمَّا تَوَلَّدَ مِنْ جِنَايَتِهِمْ , وَلَكِنْ لَوْ تَرَكُوهُ فَأَخَذَهُ السَّبْعُ وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى إنْقَاذِهِ فَهُمْ قَتَلَةُ عَمْدٍ , إذْ لَمْ يَمُتْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ فِعْلِهِمْ وَهَذَا كَمَنْ أَدْخَلُوهُ فِي بَيْتٍ وَمَنَعُوهُ حَتَّى مَاتَ , وَلاَ فَرْقَ وَهَذَا كُلُّهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَانَ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ فِي دَارِهِ بِالأَهْوَازِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ لِي قُتَيْبَةُ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ ، هُوَ ابْنُ جَسَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو : قَضَى فِي كَلْبِ الصَّيْدِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَسَّاسٍ قَالَ : كُنْت عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مَا عَقْلُ كَلْبِ الصَّيْدِ قَالَ : أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا , قَالَ : فَمَا عَقْلُ كَلْبِ الْغَنَمِ قَالَ شَاةٌ مِنْ الْغَنَمِ , قَالَ : فَمَا عَقْلُ كَلْبِ الزَّرْعِ قَالَ : فَرَقٌ مِنْ الزَّرْعِ قَالَ : فَمَا عَقْلُ كَلْبِ الدَّارِ قَالَ : فَرَقٌ مِنْ تُرَابٍ حَقٌّ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ , وَحَقٌّ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يَقْبَلَهُ , وَهُوَ يُنْقِصُ مِنْ الأَجْرِ وَفِي الْكَلْبِ الَّذِي يَنْبَحُ , وَلاَ يَمْنَعُ زَرْعًا , وَلاَ دَارًا إنْ طَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَفِرْقٌ مِنْ تُرَابٍ , وَاَللَّهِ إنَّا لَنَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّه تَعَالَى قال أبو محمد : فَهَذَا حُكْمُ صَاحِبٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنه مُخَالِفٌ إِلاَّ فِي الصَّائِدِ خَاصَّةً لاَ فِيمَا سِوَاهُ كَمَا رُوِّينَا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَتَلَ رَجُلٌ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ كَلْبًا لِصَيْدٍ لاَ يُعْرَفُ مِثْلُهُ فِي الْكِلاَبِ , فَقُوِّمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ , فَأَلْزَمَهُ عُثْمَانُ تِلْكَ الْقِيمَةَ. قال أبو محمد : وَبَقِيَ كَلْبُ الْغَنَمِ , وَكَلْبُ الزَّرْعِ , وَكَلْبُ الدَّارِ , لاَ نَعْرِفُ مُخَالِفًا فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَهُمْ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَلاَ سِيَّمَا مِثْلُ هَذَا , وَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَمَا تَرَى بِلاَ مَئُونَةٍ. وَأَمَّا نَحْنُ فَلاَ حُجَّةَ عِنْدَنَا فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَلَيْسَ فِي الْكَلْبِ إِلاَّ كَلْبٌ مِثْلُهُ , قَالَ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ كَلْبًا لاَ يُغْنِي زَرْعًا , وَلاَ ضَرْعًا , وَلاَ صَيْدًا , فَلاَ شَيْءَ فِيهِ أَصْلاً , لأََنَّ هَذَيْنِ يُنْهَى عَنْ اتِّخَاذِهِمَا جُمْلَةً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا الْعُقَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا الْعَطَّافُ ثني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَنَسٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكِسَائِيُّ النَّحْوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّرِيُّ ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قِيرَاطٍ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ. قَالَ عَلِيٌّ : عَنْ الْعُقَيْلِيُّ لاَ يَصِحُّ فِي هَذَا شَيْءٌ , وَالْعَطَّافُ ضَعِيفٌ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ مَجْهُولٌ ضَعِيفٌ وَكَذَلِكَ الْإِسْنَادُ الآخَرُ أَيْضًا ضَعِيفٌ. قَالَ عَلِيٌّ : وَلَيْسَ فِيهِ إسْقَاطُ حَدٍّ , وَلاَ قِصَاصٍ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ , وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّمَا هُمْ كَذَلِكَ بَنُو إسْرَائِيلَ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ , وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ سَرَقَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا أَوْ كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام مِمَّا ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا خَلاَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : فَلَوْ صَحَّ هَذَا وَهُوَ لاَ يَصِحُّ لَكَانَ ذَلِكَ مَحْمُولاً عَلَى ظَاهِرِهِ فِي الْعَثْرَةِ تَكُونُ مِمَّا لاَ يُوجِبُ حَدًّا ، وَلاَ حُكْمًا فِي قَوَدٍ , أَوْ قِصَاصٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ اُتُّهِمَ بِقَتْلِهِ رَجُلاَنِ أَخَوَانِ فَخَافَ أَبُوهُمَا أَنْ يُقْتَلاَ , فَقَالَ أَبُوهُمَا : أَنَا قَتَلْته فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الأَخَوَيْنِ : أَنَا قَتَلَتْهُ وَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي ذَلِكَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَيَحْلِفُونَ قَسَامَةَ الدَّمِ عَلَى أَحَدِهِمْ. قال أبو محمد : لَسْنَا نَقُولُ هَذَا , بَلْ نَقُولُ : إنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إنْ صَدَّقُوهُمْ كُلَّهُمْ فَلَهُمْ الْقَوَدُ مِنْ جَمِيعِهِمْ , أَوْ مِمَّنْ شَاءُوا , وَلَهُمْ الدِّيَةُ عَلَى مَا قَدَّمْنَا أَوْ الْمُفَادَاةُ فَإِنْ كَذَّبُوا بَعْضَهُمْ وَصَدَّقُوا بَعْضَهُمْ فَلَهُمْ عَلَى مَنْ صَدَّقُوهُ الْقَوَدُ , أَوْ الدِّيَةُ , أَوْ الْمُفَادَاةُ , وَقَدْ بَرِئَ مَنْ كَذَّبُوهُ. برهان ذَلِكَ : أَنَّهُمْ إذَا صَدَّقُوهُمْ كُلَّهُمْ فَقَدْ صَحَّ لَهُمْ حَقُّ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ , بِإِقْرَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ , وَكُلُّ حَقٍّ وَجَبَ فَلاَ يَسْقُطُ إِلاَّ بِنَصٍّ , أَوْ إجْمَاعٍ , وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ فَلاَ يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْحَقِّ , إذْ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ لاَ الْمُدَّعِي , فَلاَ يَجُوزُ هَاهُنَا تَحْلِيفُ مَنْ صُدِّقَتْ دَعْوَاهُ. وَأَمَّا إذَا كَذَّبُوا مِنْهُمْ بَعْضًا فَقَدْ بَرَّءُوا مَنْ أَكْذَبُوهُ وَسَقَطَ حُكْمُ الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمَقَرُّ لَهُ , كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ، وَلاَ فَرْقَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَذَّبُوهُمْ كُلَّهُمْ فَقَدْ بَرِئَ الْمُقِرُّونَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُمْ , إذْ قَدْ أَسْقَطَ الْمَقَرُّ لَهُمْ حَقَّهُمْ فِي ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : وَقَوْلُ الْمُقِرِّ : أَنَا وَحْدِي قَتَلْت فُلاَنًا وَلَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا مَعِي , وَالآخَرُ مُنْكِرٌ لِتَبْرِئَتِهِ إيَّاهُ , وَمُقِرٌّ بِقَتْلِ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ , فَوَاجِبٌ أَنْ يَلْزَمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ , لأََنَّهُ إقْرَارٌ تَامٌّ , وَتَكُونُ تَبْرِئَتُهُ لِمَنْ أَبْرَأَ بَاطِلاً , لأََنَّهُ لَيْسَ عَدْلاً فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ , وَحَتَّى لَوْ كَانَ عَدْلاً لَمَا جَازَ هَاهُنَا قَبُولُ شَهَادَتِهِ , لأََنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ فِي الْإِيجَابِ لاَ فِي النَّفْيِ. وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ فِي أَنَّ رَجُلاً لَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ مَالاً أَوْ حَقًّا فَشَهِدَ لَهُ عُدُولٌ بِأَنَّهُ لاَ شَيْءَ لَهُ عِنْدَهُ لَكَانَتْ شَهَادَتُهُ فَاسِدَةً لاَ تُقْبَلُ , وَلاَ تُبَرِّئُ الْمَشْهُودَ لَهُ بِهَا إِلاَّ بِأَنْ يَزِيدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إيجَابًا , مِثْلَ أَنْ يَقُولُوا : وَذَلِكَ أَنَّنَا نَدْرِي أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْحَقِّ , أَوْ قَدْ أَدَّاهُ إلَيْهِ أَوْ نَحْوَ هَذَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : رُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ : إذَا أَخْرَجَ الرَّجُلُ الصَّلاَيَةَ أَوْ الْخَشَبَةَ , فِي حَائِطِهِ ضَمِنَ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يُضَمِّنُ بُورِيَّ السُّوقِ وَعَمُودَهُ. وَعَنْ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ : إذَا نَضَحَ الْقَصَّارُ , أَوْ الْقَصَّابُ ضَمِنَ. وَعَنْ الْحَسَنِ أَبِي مُسَافِرٍ قَالَ : إنَّ كَنِيفًا وَقَعَ عَلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَهُ أَوْ جَرَحَهُ قَالَ شُرَيْحٌ : لَوْ أُتِيتُ بِهِ لَضَمَّنْتُهُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيِّ : أَنَّ رَجُلاً أَخْرَجَ صَلاَيَةً فِي حَائِطِهِ فَمَزَّقَتْ مَزَادَةً مِنْ أُدْمٍ فَضَمَّنَهُ شُرَيْحٌ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : مَنْ أَخْرَجَ رَحًى مِنْ رُكْنِ دَارِهِ فَعَقَرَتْ رَجُلاً ضَمِنَ. وَعَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شُرَيْحٍ مِثْلُهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : مَنْ حَفَرَ بِئْرًا , أَوْ فَرَضَ غَوْرًا ضَمِنَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ : ضَمَّنَ شُرَيْحٌ الْبَادِيَ , وَظِلاَلَ أَهْلِ السُّوقِ , إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِمْ , وَضَمَّنَ أَهْلَ الْعَمُودِ. وَعَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ وَصَبَّ مَاءَهُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ حَمَّادٌ : يُضَمَّنُ وَقَالَ الْحَكَمُ : لاَ يُضَمَّنُ. وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ , وَحَمَّادٍ فِي الرَّجُلِ السُّوقِيِّ يَنْضَحُ بَيْنَ يَدِي بَابِهِ مَاءً فَيَمُرُّ بِهِ إنْسَانٌ فَيُزْلَقُ قَالَ حَمَّادٌ : يَضْمَنُ وَقَالَ الْحَكَمُ : لاَ يَضْمَنُ. قال أبو محمد : فَهَذَا عَنْ عَلِيٍّ , وَشُرَيْحٍ , وَالنَّخَعِيِّ , وَحَمَّادٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : مَنْ أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ حَدَثًا مِنْ نَضْحٍ , أَوْ مَاءٍ , أَوْ حَجَرٍ , أَوْ شَيْئًا أَخْرَجَهُ مِنْ دَارِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ ظُلَّةٍ , أَوْ جَنَاحٍ : فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَطِبَ فِيهِ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيِّ : مَنْ أَخْرَجَ كَنِيفًا أَوْ جِذْعًا إلَى الطَّرِيقِ فَأَعْنَتَ أَحَدًا ضَمِنَ ذَلِكَ. وَقَالَ اللَّيْثُ : إنْ أَخْرَجَ عُودًا , أَوْ حَجَرًا , أَوْ خَشَبَةً , مِنْ جِدَارِهِ , فَمَرَّ بِهِ إنْسَانٌ فَجَرَحَهُ , أَوْ قَتَلَهُ , فَإِنْ كَانَ لاَ يُعْرَفُ مِنْ صَنِيعِ النَّاسِ ضَمِنَ بِهِ. وقال الشافعي : وَاضِعُ الْحَجَرِ فِي أَرْضٍ لاَ يَمْلِكُهَا ضَامِنٌ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ , فَلَهُمْ هَاهُنَا أَقْوَالٌ طَرِيفَةٌ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى : فَمِنْهَا ، أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَعَدَ فِي مَسْجِدٍ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ , فَإِنْ كَانَ فِي صَلاَةٍ لَمْ يَضْمَنْ , وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ ضَمِنَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ : لاَ يَضْمَنُ فِي كِلاَ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالُوا كُلُّهُمْ : مَنْ أَخْرَجَ مِنْ دَارِهِ مِيزَابًا فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ , فَإِنْ أَصَابَهُ مَا كَانَ خَارِجًا مِنْ الْحَائِطِ ضَمِنَ , وَإِنْ أَصَابَهُ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , فَإِنْ جَهِلَ مَا أَصَابَهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَضْمَنَ وَلَكِنْ قَالُوا : نَدْعُ الْقِيَاسَ وَنَسْتَحْسِنُ فَنُضَمِّنُهُ. وَإِنْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ. قَالُوا : فَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً عَلَى شَيْءٍ يُحْدِثُهُ فِي فِنَائِهِ , فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ ضَمِنَ , الْمُسْتَأْجِرُ فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْفُرَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ , فَإِنَّ الضَّامِنَ لِمَا يُتْلَفُ بِذَلِكَ الأَجِيرُ. قال أبو محمد : أَمَّا عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَلاَ يَضْمَنُ عِنْدَهُمْ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ عَلَيْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتْبَعَهُ. فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ بِالتَّضْمِينِ فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ : مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَخْرَجَ مِنْ حَدِّهِ شَيْئًا فَأَصَابَ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّقِّيِّ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الصَّائِغُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أَخْرَجَ عَنْ حَدِّهِ شَيْئًا فَأَصَابَ بِهِ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ , وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ،. قال أبو محمد : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا , وَكُلُّ هَذَا لاَ شَيْءَ : أَمَّا الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَلاَ يَصِحُّ , لأََنَّهُ مُرْسَلٌ عَنْ الْحَسَنِ , وَالْمُرْسَلُ لاَ حُجَّةَ فِيهِ , وَلَمْ يُسْنِدْهُ أَحَدٌ إِلاَّ حَمَّادُ بْنُ مَالِكٍ , وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ , قَالَهُ الْبَزَّارُ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهِ. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فَبَاطِلَةٌ , لأََنَّهَا عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ , وَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَكِلاَهُمَا فِي غَايَةِ السُّقُوطِ ثُمَّ عَنْ الْحَكَمِ , وَمُجَاهِدٍ وَكِلاَهُمَا لَمْ يُدْرِكْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَسَقَطَ الْخَبَرُ جُمْلَةً , إِلاَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ , وَشُرَيْحٍ , وَحَمَّادٍ , وَقَوْلٌ عَنْ الشَّافِعِيِّ لاَ يَصِحُّ وَقَدْ صَحَّ عَنْ الْحَكَمِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَضْمَنُ. قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمْ يَبْقَ لِلْمُضَمِّنِينَ حُجَّةٌ أَصْلاً وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الأَمْوَالَ مُحَرَّمَةٌ , فَلاَ يَحِلُّ إلْزَامُ أَحَدٍ غَرَامَةً لَمْ يُوجِبْهَا نَصٌّ , أَوْ إجْمَاعٌ , فَوَجَبَ أَنْ لاَ ضَمَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2109 - مسألة: الحائط يقع فيتلف نفسا أو مالا قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ فِي الْحَائِطِ إذَا كَانَ مَائِلاً , قَالَ : إنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ ضَمِنَ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي الْجِدَار إذَا كَانَ مَائِلاً إذَا شَهِدُوا عَلَى صَاحِبِهِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ , فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مِثْلُ قَوْلِ شُرَيْحٍ فِي الْجِدَارِ الْمَائِلِ. وَقَالَ آخَرُونَ غَيْرَ هَذَا : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ مَالَ جِدَارٌ لِجَارِهِ , أَوْ انْصَدَعَ , فَقَالَ لَهُ : اكْسِرْ جِدَارَك هَذَا فَإِنَّا نَخَافُهُ فَأَبَى عَلَيْهِ , ثُمَّ إنَّ الْجِدَارَ سَقَطَ فَقَتَلَ عَبْدَ الَّذِي نَهَاهُ , أَوْ حُرًّا مِنْ أَهْلِهِ قَالَ : لاَ نَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا , وَقَدْ فَرَّطَ وَأَسَاءَ. وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ فَإِنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ : إنْ عَلِمَ صَاحِبُ الْجِدَارِ بِمَيْلِهِ وَضَعْفِهِ فَتَرَكَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ , وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَضْمَنْ . وَبِهِ يَقُولُ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إنْ لَمْ يُشْهِدُوا عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ , وَإِنْ كَانَ مُعْتَدِلاً وَهُوَ مَشْقُوقٌ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى نَقْضِهِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ : يَضْمَنُ مَا أَصَابَ جِدَارُهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ. وقال أبو حنيفة , وَمَالِكٌ , وَأَصْحَابُهُمَا , وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ : إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَذَا ضَمِنَ , وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ. وقال الشافعي , وَأَبُو سُلَيْمَانَ , وَأَصْحَابُهُمَا : لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ. قَالَ عَلِيٌّ : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِيَلُوحَ الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ فَنَتْبَعَهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَظَرْنَا فِيمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَحُكْمِ تَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ , فَلَمْ نَجِدْ لَهُمَا مُتَعَلَّقًا لاَ مِنْ قُرْآنٍ , وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ سَقِيمَةٍ , وَلاَ إجْمَاعٍ , وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ قِيَاسٍ , وَلاَ نَظَرٍ إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا : قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ , لأََنَّنَا قَدْ أَوْرَدْنَا مِمَّا خَالَفُوا فِيهِ الطَّوَائِفَ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، لاَ يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ كَثِيرًا جِدًّا , فَكَيْفَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ نَفَرٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَدْ أَوْرَدْنَا آنِفًا قَوْلَ الزُّهْرِيِّ : أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْقَوْمَ بِزَعْمِهِمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ ، وَلاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ وَضَعَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَخَرَجَتْ فَقَتَلَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجِدَارِ يَنْهَدِمُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ وَظَهَرَ فَسَادُهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُ مَنْ ضَمَّنَ مَا أَصَابَ الْجِدَارُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ أَوْ قَوْلُ مَنْ لَمْ يُضَمِّنْهُ مَا أَصَابَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ إذْ قَدْ صَحَّ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَغَيْرِ الْإِشْهَادِ : لاَ مَعْنَى لَهُ أَلْبَتَّةَ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا صَاحِبَ الْجِدَارِ الْمَائِلِ لاَ يُسَمَّى " قَاتِلاً " لِمَنْ قَتَلَهُ الْجِدَارُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ وَالْحَائِطُ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ , فَإِذْ لاَ يُسَمَّى قَاتِلَ عَمْدٍ , وَلاَ قَاتِلَ خَطَأٍ فَلاَ دِيَةَ فِي ذَلِكَ , وَلاَ كَفَّارَةَ , وَلاَ ضَمَانَ لِمَا تَلِفَ مِنْ مَالٍ , إذْ الأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ , وَلاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِغَرَامَةٍ عَلَى أَحَدٍ لَمْ يُوجِبْهَا عَلَيْهِ نَصٌّ ، وَلاَ إجْمَاعٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قَالَ عَلِيٌّ : قَالَ قَوْمٌ بِالتَّضْمِينِ فِي هَذَا , وَأَسْقَطَ قَوْمٌ فِيهِ الضَّمَانَ , وَالظَّاهِرُ عِنْدَنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَتَاعِ , وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ , وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ , لأََنَّهُ مُبَاشِرٌ لأَِسْقَاطِ الْمَتَاعِ , وَإِسْقَاطِ الْمُسْنَدِ قَاصِدًا إلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِخِلاَفِ مَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِمَّا لَمْ يُبَاشِرْ الْإِتْلاَفَ فِيهِ , وَلَوْ أَنَّهُ فَعَلَ هَذَا عَمْدًا لَكَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ , وَهَذَا وَاَلَّذِي يُزْحِمُ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ فَيَدْفَعُهَا عَنْ طَرِيقِهِ فَتَدُوسُ إنْسَانًا , أَوْ تُفْسِدُ مَتَاعًا , فَإِنَّهُ يَضْمَنُ , لأََنَّهُ مُبَاشِرٌ لِلْإِفْسَادِ , وَلاَ نُبَالِي بِتَعَدِّي مُسْنِدِ الْجَرَّةِ , وَالْمُتَّكِئِ إلَى الْبَابِ لَوْ كَانَا مُتَعَدِّيَيْنِ فَكَيْفَ ، وَلاَ عُدْوَانَ فِي هَذَا. وَلَوْ أَنَّ امْرَأً رَقَدَ لَيْلاً فِي طَرِيقٍ فَدَاسَهُ إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ قَاتِلُ خَطَأٍ بِلاَ شَكٍّ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَخَلَ دَارَ إنْسَانٍ لِيَسْرِقَ فَدَاسَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَقَتَلَهُ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِقَتْلِهِ , فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ , لأََنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ مُحَارِبًا لَهُ , وَالدِّيَةُ فِي ذَلِكَ , وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي غَيْرِ الْعَمْدِ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. قال أبو محمد : مَنْ أَغْضَبَ أَحْمَقَ بِمَا يُغْضَبُ مِنْهُ فَقَذَفَ بِالْحِجَارَةِ فَقَتَلَ الْمُغْضِبَ لَهُ أَوْ غَيْرَهُ , أَوْ أَعْطَى أَحْمَقَ سَيْفًا فَقَتَلَ بِهِ قَوْمًا , فَلاَ شَيْءَ فِي كُلِّ ذَلِكَ , لأََنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ شَيْئًا مِنْ الْجِنَايَةِ , وَلاَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ قَاتِلاً. فَلَوْ أَنَّهُ أَمَرَ الأَحْمَقَ بِقَتْلِ إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَقَتَلَهُ , فَإِنْ كَانَ الأَحْمَقُ فَعَلَ ذَلِكَ طَاعَةً لَهُ , وَكَانَ ذَلِكَ مَعْرُوفًا فَهُوَ آمِرٌ , فَالآمِرُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْعَلْ طَائِعًا لَهُ فَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ , لأََنَّهُ لَمْ يَكُنْ , لاَ عَنْ أَمْرِهِ ، وَلاَ عَنْ فِعْلِهِ. فَلَوْ رَمَى حَجَرًا فَأَصَابَ ذَلِكَ الْحَجَرُ حَجَرًا فَقَلَعَهُ , فَتَدَهْدَهَ ذَلِكَ الْحَجَرُ فَقَتَلَ وَأَفْسَدَ : فَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ , لأََنَّهُ إنَّمَا تَوَلَّدَ عَنْ رَمْيِهِ انْقِلاَعُ الْحَجَرِ فَقَطْ , فَهُوَ ضَامِنٌ لِرَدِّهِ إنْ كَانَ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى مَا فَقَطْ , وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَرْءُ مَا تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ , وَلاَ يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ عَمَّا تَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ. وَلاَ يَخْتَلِفُ اثْنَانِ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّ مَنْ رَمَى سَهْمًا يُرِيدُ صَيْدًا فَأَصَابَ إنْسَانًا أَوْ مَالاً فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ , وَلَوْ أَنَّهُ صَادَفَ حِمَارَ وَحْشٍ يَجْرِي فَقَتَلَ إنْسَانًا أَوْ سَقَطَ الْحِمَارُ إذْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ شَيْئًا. وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا يَعْمَلُ فِي بِئْرٍ وَآخَرَ يَسْتَقِي فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ فَوَقَعَتْ الدَّلْو فَقَتَلَتْ الَّذِي فِي الْبِئْرِ , فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِضَعْفِ الْحَبْلِ فَهُوَ قَاتِلٌ خَطَأً وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ , وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ , لأََنَّهُ مُبَاشِرٌ لِقَتْلِهِ , فَلَوْ غُلِبَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إمْسَاكِهِ الدَّلْوَ فَفَتَحَ يَدَيْهِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , لأََنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ قَتْلَهُ ، وَلاَ عَمِلَ شَيْئًا. حدثنا عبد الله بن ربيع ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ السَّبَائِيِّ أَنَّ رَجُلاً رَمَى حِدَأَةً فَخَرَّتْ الْحِدَأَةُ عَلَى صَبِيٍّ فَقَتَلَتْهُ قَالَ : هُوَ عَلَى الَّذِي رَمَى , وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ مِنْ فِعْلِ رَجُلٍ فَهُوَ عَلَيْهِ قَالَ : وَبَلَغَنِي عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ حَجَرًا فَسَقَطَ مِنْهُ فَأَصَابَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ قَالَ سَحْنُونٌ : هَذِهِ مَسْأَلَةُ سُوءٍ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : وَسَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَمْسِكُ الْحَبْلَ لِلرَّجُلِ يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الْبِئْرِ قَالَ : إنْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَإِنْ انْفَلَتَ مِنْ يَدِ الْمُمْسِكِ فَسَقَطَ الْمُتَعَلِّقُ فَمَاتَ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ. قَالَ عَلِيٌّ : لَسْنَا نَقُولُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ : أَمَّا الْحِدَأَةُ تَقَعُ , فَإِنَّ الرَّامِيَ بِهَا لَمْ يُبَاشِرْ إلْقَاءَهَا كَمَا ذَكَرْنَا. وَأَمَّا الَّذِي سَقَطَ الْحَجَرُ عَنْ ظَهْرِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَلْقَاهُ لَكِنْ ضَعُفَ أَوْ عَثَرَ فَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ تَعَمَّدَ إلْقَاءَهُ فَمَاتَ بِهِ إنْسَانٌ , فَإِنْ كَانَ عَمْدًا وَهُوَ يَدْرِي فَقَاتِلُ عَمْدٍ , وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ هُنَالِكَ إنْسَانًا فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ , وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ , لأََنَّهُ مُبَاشِرٌ قَتْلَهُ بِلاَ شَكٍّ. وَأَمَّا تَعَلُّقُ الرَّجُلِ بِحَبْلٍ يُمْسِكُ عَلَيْهِ آخَرُ فَلاَ شَيْءَ فِي ذَلِكَ , لاَ فِي انْقِطَاعِ الْحَبْلِ , وَلاَ فِي ضَعْفِ الْمُمْسِكِ عَنْ إمْسَاكِهِ , لأََنَّهُ فِي انْقِطَاعِ الْحَبْلِ جَانٍ عَلَى نَفْسِهِ بِجَبْذِ الْحَبْلِ , فَإِنَّمَا انْقَطَعَ مِنْ فِعْلِهِ لاَ مِنْ فِعْلِ الْوَاقِفِ عَلَى الْبِئْرِ فأما انْفِلاَتُ الْحَبْلِ فَلَمْ يَتَوَلَّ الْوَاقِفُ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ إبْقَاءَهُ , لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُبَاشِرْ فِيهِ شَيْئًا أَصْلاً : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ , وَابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ : عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , ثُمَّ اتَّفَقَا : أَنَّ مَنْ سَلَّ سَيْفًا عَلَى امْرَأَةٍ , أَوْ صَبِيٍّ , لِيُفْزِعَهُمَا بِهِ , فَمَاتَا مِنْهُ فَفِيهِ دِيَةُ الْخَطَأِ. قال علي : وهذا بَاطِلٌ لاَ يَصِحُّ ، وَابْنُ لَهِيعَةَ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ , وَيَزِيدُ بْنُ عِيَاضٍ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ وَهَذَا الْعَمَلُ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ غَيْرُ قَاصِدٍ إلَى إفْزَاعِهِمَا فَفَزِعَا فَمَاتَا فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ النِّيَّةَ , وَالْمَعْرِفَةَ لاَ يُرَاعَى شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي الْخَطَأِ , بَلْ هُمَا مُطَّرَحَانِ فِيهِ , وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا قَصَدَ بِهِ وَنَوَى فَإِنَّهُ عَمْدٌ. وَاَلَّذِي سَلَّ سَيْفًا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ يُرِيدُ بِذَلِكَ إفْزَاعَهُمَا فَمَاتَا , فَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ ذِي عَقْلٍ سَلِيمٍ أَنَّهُ عَامِدٌ قَاصِدٌ إلَيْهِمَا بِهَذَا الْفِعْلِ , فَإِذْ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ قَوَدٌ , وَلاَ لَهُ حُكْمُ الْعَمْدِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ الصِّفَاتِ إلَى فِعْلِهِ فَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْخَطَأِ الَّذِي لَيْسَ لِفِعْلِهِ فِيهِ مَدْخَلٌ أَصْلاً وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ الأَدَبُ فَقَطْ. قَالَ عَلِيٌّ : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ , قَالَ : إذَا أَدْخَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ حَتَّى يُخْرِجَهُ كَمَا أَدْخَلَهُ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ , وَفِي الْبَيْتِ سِكِّينٌ فَوَطِئَ عَلَيْهَا فَقَتَلَتْهُ , قَالَ : لَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ شَيْءٌ قَالَ عَلِيٌّ : وَبِقَوْلِ الزُّهْرِيِّ نَقُولُ , لأََنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَلاَ يَحِلُّ إلْزَامُ أَحَدٍ غَرَامَةَ مَالٍ بِغَيْرِ نَصٍّ , أَوْ إجْمَاعٍ وَمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ أَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ جَنَاهُ بِعَمْدٍ , أَوْ بِخَطَأٍ , فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , لأََنَّ دَمَهُ وَمَالَهُ حَرَامٌ , فَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ مَقْتُولاً فَلَهُ حُكْمَ الْقَسَامَةِ. وَإِنْ ادَّعَى وَهُوَ حَيٌّ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ حُكْمُ التَّدَاعِي , وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إِلاَّ مَيِّتًا لاَ أَثَرَ فِيهِ , فَالْمَوْتُ يَغْدُو وَيَرُوحُ , وَلاَ شَيْءَ بِهِ إِلاَّ التَّدَاعِيَ , إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُغَمَّ فَلاَ يَظْهَرَ فِيهِ أَثَرٌ , فَإِذَا أَمْكَنَ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّدَاعِي وَلَوْ أَيْقَنَّا أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ شَيْءٌ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|